حافظ القرآن ..
كم أنت عظيم .. وكم أنت رجل .. حينما حزت الفضل، ولحقت بالركب، وأصبحت تصدح بصوتك الندي : ( الحمدلله رب العالمين... )، استنارت الدنيا مِن أمامك، وانفرج في صدركـ كل ضيق، وتحررت نفسكـ من القيد الوثيق، وأصبحت تهيم في عالم الحافظ القرآن والسعادة، كل ذلك لأنكـ لحقت بركب أهل الله وخاصته .
حق لكـ الفخر فأنت الآن إنسان غير الإنسان الذي كان في الزمن الماضي .. فهنيئاً .. ثم هنيئاً لكـ هذا الفوز وهذا النجاح الكبيرين .
ياحافظ القرآن ..
تصور معي، وعش هذا الموقف ولو لِلحظة ... أنت .. وأنت يا حافظ القرآن .. رجل من أهل الله وخاصته، لقول المصطفى r : ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته )، فالله .. الله في الصفات التي تتحلى بها، من تعظيم وإجلال لرب الأرباب، والشكر له على أعظم نعمة بعد الإسلام، من حسن الأخلاق وكريم الخِلال .
يا حافظ القرآن ..
إنني أبعث إليك بمداد الحب، وقرطاس الصدق، ومحبرةالنصح، شيئاً من الوصايا، لعلها أن تلامس شغاف قلبكـ فتمازج روحكـ الشفيفة، وتظهر على سلوكك الحسن ..
- يا حافظ القرآن .. أخلص لله النية في جميع أعمالكـ، وراقب الله في جميع أحوالكـ، واتقي الله في السر والعلن .
- يا حافظ القرآن .. قد من الله عليكـ أن تلحق بركب أهل الله وخاصته، فعليك أن تؤدي جميع حقوق القرآن الذي تحمله في صدركـ، من تلاوة، وتدبر وتفكر، وعيشاً في ظلال الآيات، فإن من عاش مع القرآن أحياه الله حياةً العظماء، وأكرمه الله بمنازل العارفين .
- يا حافظ القرآن .. أمر مهم ؟!! لا تقف عند التعلم والحفظ لكتاب الله ، بل العمل .. العمل، فإن العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل، وإن كنت أوصيكـ بعمل السر، فإنه لا يضع الله القبول لعباده في الأرض إلا بأعمال السرائر، وعمل السر نور في الوجه، وضياء في القلب، وعليكـ بالجد والمثابرة فبذلكـ تبلغ كل أهدافكـ وطموحاتكـ .
- يا حافظ القرآن .. اجعل القرآن هو الحياة، لأن النبي r كان خلقه القرآن، فعليك أن تجعل القرآن هو الميزان لجميع سلوكك وتصرفاتكـ، فلا تعمل إلا ما أمر الله به أو لم ينه عنه، فأنت بالقرآن .. وللقرآن .. ومع القرآن في كل وقتٍ وحين .
- يا حافظ القرآن .. ينبغي عليكـ أن تُعرف بقيام ليلكـ إذ الناس نيام ..
وتُعرف بنور وجهكـ إذا أظلمت الوجوه ..
وتُعرف بجمال خلقكـ إذا ساءت الأخلاق ..
وتُعرف بنشاط نفسكـ إذا تكاسلت النفوس ..
وتُعرف بالحافظ القرآن إذا الناس مستوحشون ..
وتُعرف بالكف عن المحارم إذا الناس يخوضون ..
- يا حافظ القرآن كان السلف يتواصون بثلاث وصايا :
1) من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله مابينه وبين الناس .
2) ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته .
3) ومن أصلح آخرته كفاه الله همّ دنياه .
- يا حافظ القرآن .. إن المكارم موصولة بالمكاره، وقد أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم وأن من طلب الراحة فاتته الراحة، واعلم أن من لانت كلمته وجبت محبته، والتواضع سلم الشرف .
- يا حافظ القرآن .. كن دائم الحركه، ودع عنكـ الركود، فإن الواقف عن العمل في حقيقة الزمن هو يتراجع وإن كان لا يشعر بنفسه .
- يا حافظ القرآن .. كن طموحاً تواقاً لكل خير وكل فضل، فلم ينال عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه – الخلافة إلا بنفس تواقه .
- وأخيراً يا حافظ القرآن .. ليس القرآن نهاية المطاف، وإنما هو بوابة لطلب العلم والاستفادة، وهو الباب الذي تدخل منه إلى عالم المعرفة والثقافة، كن دائم الإطلاع ، وعليكـ بالقراءة، فإنها هي التي تكوّن الثقافة، وهي التي تبني العقل، فكما أن تمرين الجسم بالرياضة، فإن العقل عضلة تمرينها بالقراءة، ولم يتميز أحد إلا بامتلاك المعلومة، وأكبر مصادر المعلومات .. القراءة